ضربُ المثل أيرادهُ ليُتمثل به ويُتصوّر ما اراد المتكلم بيانه. يقال: ضرب الشيءَ مثلاُ، وضرب به مثلاً، وتمثّله به. وقد وردت عبارة ضرب المثل في القرآن في عدة آيات:{واضرب لهُمْ مَّثَلاً}[الكهف: ٣٢]{ياأيها الناس ضُرِبَ مَثَلٌ فاستمعوا لَهُ}[الحج: ٧٣] . . {واضرب لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القرية}[يس: ١٣] .
وهذه الآية جاءت رداً على الكفرة المعاندين حيث قالوا أما يستحي ربُّ محمد ان يضرب مثَلاً بالذباب والعنكبوت! فبّين الله تعالى انه لا يعتبريه ما يتعري الناسَ من استحياء، فلا مانع من ان يصوّر لعباده ما يشاء من أمورٍ بأي مثل مهما كان صغيرا، بعوضة فما فوقها. فالذين آمنوا يعلمون ان هذا حق من الله، أما الذين كفروا فيتلقّونه بالاستنكار. وفي ذلك يكون المثل سبباً في ضلال الذين يجانبون الحق وسبباً في هداية المؤمنين به.
وقد وصفهم تعالى بقوله:{الذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ} اي الّذين تركوا العملَ بعهد الله، وهو صيّتُه لهم وأمرُه إياهم بلزوم طاعته وتحاشي معصيته. وعهدُ الله هو العهد الذي أنشأه في نفوسهم بمقتضى الفطرة، تدركه العقول السليمة، وتؤيده الرسل والأنبياء.
أما نقضُهم له فهو انهم يقطعون ما أمر الله به ان يكون موصولا، كوصل الأقارب وذوي الأرحام، والتوادّ والتراحم بين بني الإنسان، وسائر ما فيه عمل خير. وعلاوة على ذلك تجدُهم يفسدون في الارض بسوء المعاملة، وإثارة الفتن وأيقاد الحروب وافساد العمران.
وجزاء هؤلاء أنهم هم الخاسرون، لكل توادٍّ وتعاطف وتراحم بينهم وبين الناس في الدنيا ولهم الخزي والعذاب في الآخرة.