الجهاد: احتمال المشقة ومكافحة الشدائد. ويكون بالقتال وبذلِ المال في سبيل الله، كما يكون بمجاهدة النفس لشهواتها أو لدفع الباطل ونصرة الحق.
لا يزال الحديث موجّهاً الى من شهد معركة أُحد من المؤمنين. والقرآن يخاطبهم في الآية بصورة السؤال: لا تظنوا أيها المؤمنون أنكم تدخلون الجنة دون ان يتبين منكم المجاهدون الصابرون الذين تُطهّرهم المحن والشدائد. واعلموا ان طريق الجنة محفوف بالمكاره، زادُه الصبر على مشاق الطريق، فتحمّلوها.
هنا يبين لنا سبحانه وتعالى ان طريق السعادة في الآخرة هو الصبر والجهاد في سبيل الله. كما أن طريقها في الدنيا هو اتباع الحق والتزام الإنصاف والتزام الإنصاف والعدل بين الناس. فسُنة الله واحدة لا تتبدل.
{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الموت. . .} .
وهذا أيضاً خطاب لمن شهد وقعة أُحد من المسلمين، فقد كان كثيرٌ من الصحابة الذين لم يشهدوا معركة بدر يلحّون في الخروج الى أحد حيث عسكر مشركو قريش، ليكون لهم يومٌ كيوم بدر. قال ابن عباس: لما أخبرهم الله تعالى على لسان نبيه بما فعل لشهداء بدر من الكرامة، رغبوا في الشهادة، فتمَّنوا قتالاً يستشهدون فيه. . فنزلتْ آية: لقد كنتم. . . تتمنون الموت قبل ان تلاقوا القوم، فها أنتم أولاء ترون ما كنتم تتمنّونه وتنظرون اليه، فما بالكم دهشتم عندما وقع الموت فيكم، وما بالكم تحزنون وتضعفون!
وفي ذلك اليوم ثبت جماعة من الصحابة مع الرسول (وكانوا نحو ثلاثين رجلا) وذبّوا عنه الى ان انتهت المعركة، فيما تزعزع كثير منهم وضفعوا. وحين ارتفعت الصيحة ان محمداً قد قُتل كان لها وقعها الشديد على المسلمين، حتى إن الكثيرين منهم فروا مصعِّدين في الجبل، والرسول عليه السلام يناديهم وهم مولّون، حتى رجعوا اليه وثبّت الله قلوبهم. وها ينبّهنا القرآ الكريم الى ان الرسول بشرٌ يمكن ان يموت، لكن رسالته تظل باقية الى الأبد.