تقدم أن سورة الانفال نزلت تحلّ مشكلات المؤمنين في غزوة بدر من العنائم والاسرى وغير ذلك، وتذكرهم بنعم الله عليهم، وتعرِض لما يجب أن يكون عليه المؤمنون من شجاعة وثبات حتى يظفروا بالنصر والفلاح، ويحصلوا على العزة التي جعلها الله لعباده المؤمنين.
في سبيل هذا ناداهم الله ست مرات بوصف الايمان {ياأيها الذين آمَنُواْ} وقد تقدم النداء الاول في الآية من ١٥-١٩ حذرهم فيه من الفرار امام الاعداء.
والنداء الثاني في هذه الآية:{ياأيها الذين آمنوا أَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ. . .} اطيعوا الله ورسوله في الاجابة الى الجهاد، وقد علمتم ان النصر كان بتأييد الله وطاعة رسوله، فاستمروا على طاعتكم لله وللرسول، ولا تعرضوا عن دعوة الرسول الى الحق وانتم تسمعون كملامه الداعي الى وجوب طاعته وموالاته ونصره.
ولا تكونوا كالمنافقين الذين قالوا: سمعنا الحق ووعيناه، لكنهم لا يذعنون له.
ان اولئك المشركين ومعهم المنافقون، هم كشرّ الدواب التي أصيبت بالصَّمم فلا تسمع، وبالبُكم ف تتكلم، فقد صمّوا عن الحق فلميسمعوه، ولم ينطقوا به ولم يفعلوه. ولو علم الله بعلمه الأزَلي أن فيهم خيراً لأنفُسهم وللناس وللحق، لأسمعهم مسامع هداية يوصل الحق الى عقولهم.
{وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ} ولو سمعوه وفهموه لانصرفوا عن الهداية، وهم منصرفون عن تدبير ما سمعوا والانتفاع به، فقدوا نوره الفطرة وران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.