{وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ ياأولي الألباب} من عظمة القرآن في تشريعه «المدني والجنائي» انه يلهب النفوس الى الامتثال ببيان ما في التشريع من حِكم وفوائد تعود عليها بخيري الدنيا والآخرة، وهنا جاءت هذه الآية الكريمة تشير الى ما في القصاص، تشريعاً وتنفيذا، من نفع للحياة ذاتها، فهو يحفظ الأرواح وإليه تطمئن النفوس.
ولا ريب ان من علم انه اذا قتَلَ قُتِل، وان القصاص له بالمرصاد كفّ نفسه عن قتل صاحبه، فسلم ذاك من القتل وهذا من القصاص. وكذلك في تنفيذ القصاص على الوجه الذي شرع الله، وهو قتل القاتل وحده دون اسراف بقتل غيره. وفي قوله تعالى:{ياأولي الألباب} اشارة لطيفة الى أن القصاص بجانبيه، من شأن أولي العقول الذين يقدّرون وسائل الحياة الصحيحة. وما اهمال الأمة في تشريع القصاص وإسرافها في الأخذ بالثأر الا نقيض للعقل والايمان. ثم اشار سبحانه بعد ذلك الى أن هذا التشريع من شأنه ان يعد النفوس للصلاح بدل الفساد، وللتقوى بدل العصيان، فقال:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فليتدبر أولو العقول مزية القصاص هذه.