} .
{قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ؟} .
{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} .
هذان الاسلوبان قد تناوبا معظم ما تصمنته هذه السورة العظيمة، والقرآن كله عظيم. .
ويدل الاسلوبان على انهما صدرا في موقف واحد، وفي مقصد واحد، ولخصم واحد بَلَغ من الشدة والعتو مبلغاً استدعى من الله تزويد الرسول بعدةٍ وقية تتضافر في جملة شديدة يقذف بها في معسكر الاعداء، فتزلزل عمده، وتهد من بنيانه، فيخضع بالتسليم للحق.
{قُل لِّمَن مَّا فِي السماوات والأرض؟} .
قل ايها الرسول لقومك الجاحدين لرسالتك، المعرضين عن عدوتك: من هو مالك السماوات والأرض ومن فيهن؟ فان احجموا ولم يجيبوا، فقل الجواب الذي لا جواب غيره: إن مالكها هو الله وحده لا شريك له. لقد أوجب على ذاته العلية الرحمة بخلقه، فلا يعجل في عقوبتهم وانما يقبل توبتهم. ومن مقتضى هذه الرحمة ان يجمعكم الى يوم القيامة.
{الذين خسروا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} .
والذين ضّيعوا أنفسَهم، وعرَّضوها للعذاب في هذا اليوم هم الذين لا يؤمنوا بالله، ولم يصدقوا رسوله، ولا بيوم الحساب.
{وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي الليل والنهار وَهُوَ السميع العليم} .
فلله ما في السماوات والأرض، وله كل ما فيهنّ من ساكن ومتحرك في كل مكان وزمان، وهو السميع المحيط علمه بكل شيء.
{قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً؟ الآية. . .} .
قل أيها النبي، أنا لا اتخذ غير الله إلهاً وناصرا، وهو وحده منشئ السماوات والأرض على نظام لم يُسبق اليه. روى عن ابن عباس انه قال: ما عرفت معى فاظر السماوات والارش، حتى أتاني اعرابيان يختصمان في بئر، فقال احدهما: أنا فطرتها، اي ابتدعتها.
وهو الرزاق لعباده طعامَهم، ولي هو بحاجة الى من يرزقه ويطعمه. قل لهم يا محمد: بعد ان استبانت لكم الأدلة وجوب عبادة الله وحده، فأنا أُبلّغكم أنني قد أمرني ربي ان اكون أول من أسلم اليه، ونهاني عن ان اشرك معه غيره في العبادة. ذلك أني أخاف إن خالفتُ أمر ربي وعصيته، عذابَ يوم يتجلى فيه الرب على عباده ويحاسبهم على اعمالهم ويجازيهم بما يستحقون. إنه يوم شديد عند ذلك، فمن صرُف عنه العذاب ونجا من العقوبة، فقد رحمه الله، فدخل الجنة، وفاز عظيما.