للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الخائنين} ان الخيانة مبغوضة بجميع ضروبها، فأبعدوا عنها ايها المؤمنون.

روى البيهقي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثةٌ المسلمُ والكافر فيهن سواء، من عاهدتَه فَوَفِّ بعهده، مسلماً كان او كافرا، فإنما العهد لله. ومن كانت بينك وبينه رحِم فصِلْها، مسلما كان او كافرا. ومن ائتمنك على أمانة فأدّها اليه، مسلما كان او كافرا» .

وبعد هذا أنذر الله أولئك الخائنين مما سيحلّ بهم من عقاب فقال:

{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ سبقوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ} ولا يظن الذين كفروا انهم قد نجوا من جزاء خيانتهم وغدرهم، فهم لا يعجزون الله ولن يعجزوه، ولا يفوقونه في مكرهم أبدا، بل هو القادر وحده، وسيجزيهم بقوته وعدله.

قراءات:

قرأ ابن عامر وحمزة وحفص: «ولا يحسبَنَّ» بالياء والباقون: «ولا تحسبن» بالتاء، وقرأ ابن عامر «أنهم لا يعجزون» بفتح الهمزة، والباقون بكسرها.

بعد ذلك بيّن الله تعالى ان الاستعداء بما فيه القدرة والطاقة فريضة تصاحب فريضة الجهاد، والاستعداد انفى للاعتداء.

{وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخيل تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ} أعدّوا يا معشر المسلمين لمواجهة أعدائكم ما ستطعتم من قوة حربيّة شاملة لجميع عتاد القتال، ومن المرابطين في الثغور وأطراف البلاد بِخَليهم، لتخيفوا بكل ذلك عدوَّ الله وعدوكمن من الكفار المتربصين.

{وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ الله يَعْلَمُهُمْ} وليخيفوا أيضا آخرين غير هؤلاء الأعداء، أنتم لا تعلمونهم الآن لكن الله يعلمهم، لأنه لا يخفى عليه شيء.

{وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ الله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} ان الله يجزيكم جزاء وافيا، عن كل ما انفقتم من شيء في سبيل إعداد القوة قاصدين به وجه الله، دون ان ينقصكم مثقال ذرة مما تستحقون.

{وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا. . .} وإن مالَ الأعدادُ المحاربون الى السلم، فاجنح لها أيها الرسول، فليست الحرب غرضاً مقصوداً لذاته عندك، إنما تقع دفعاً لعدوانهم وتحدّيهم لدعوتك، فاقبل السلم وتوكل على الله، ولا تخفّ كيدهم ومكرهم انه سبحانه هو السميع لما يتشاورون به، العليم بما يدبرون ويأتمرون.

قراءات:

قرأ ابو بكر: «للسّلِم» بكسر السين، والباقون بفتحها والمعنى واحد.

{وَإِن يريدوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ الله هُوَ الذي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وبالمؤمنين} .

وإن أراد من تظاهُرهم بالجنوح الى السلم الخداعَ بك، فان الله يكفيك امرهم من كل وجه. وقد سبق له أن أيّدك بنصره، حين هيأ لك من الاسباب الظاهرة والخفية ما ثّبت به قلوب المؤمنين من المهاجرين والانصار، وجعلهم اُمةً واحدة متآلفة متعاونة على نصر الله ورسوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>