ولما تكامل جمْعُهم شدّوا على الكفرا بقوة وصدق وحملوا علهيم فانهزم المشركون. واتّبعم المسلمون يقتُلون فيهم ويأسرون، وغنموا جميع ما معهم من نَعَمٍ ونساءٍ وأطفال.
وهكذا التقى الفريقان: المؤمنون بكثرتِهم وقد أعجبتْهم، والمشركون بقلّتهم العنيفة، وكان الجولةُ في بدءا المعركة للمشرِكين، لغُرور المسلمين وعدم احتياطهم. ولكن المعركة انتهت بنصر المؤمنين. والعبرة في هذه الغزوة أن الكثيرة العددية ليست عاملَ النصر، وإنما هو القوةُ المعنوية، والايمان بالله والصدق والاخلاصُ في العمل.
{ثُمَّ أَنَزلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الذين كَفَرُواْ وذلك جَزَآءُ الكافرين} .
ثم أدركتْكُم عنايةُ الله، فأنزلَ الطمأنينةَ على رسوله وعلى المؤمنون فملأ بها قلوبهم. كما أنزلَ مع السَّكينة جنوداً لم تروْها بأبصاركم، فثّبت أقدامَكم فانتصرتم، وعذّب الذين كفروا بالقتل والسبي والأسر. وقد أذاقهم اللهُ مرارةَ الهزيمة، وذلك جزاء الكافرين في الدنيا، وجزاؤهم في الآخرة اعظم.
{ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَآءُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
ثم يقبلُ الله توبةَ من يشاء من عباده فيغفرُ ذنبه، إذا رجع عنه مخلصاً، واللهُ عظيم المغفرة واسعُ الرحمة، وبابُ الرحمة مفتوح دائما لمن يخطئ ثم يتوب.
روى البخاري عن المسور بن مخرمة:«أن ناساً من هَوازن جاءوا رسول الله وبايعوه على الاسلام وقالوا: يا رسولَ الله، أنتَ خير الناس وأبرُّ الناس، وقد سُبي أهلونا واولادنا وأُخذت أموالُنا، فقال عليه الصلاة والسلام: اختروا إما ذراريكم ونساءَكم، واما أموالكم، قالوا ما نعدل الأحساب شيئا، فرد ذراريهم ونساءهم» .