شهد بذلك سواد بن قطبة، وهند بن عمر، وسماك بن مخزمة وعتيبة بن النهاس.
{وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ الله أنى يُؤْفَكُونَ} .
ترك اليهودُ الوحدانية في عقيدتهم وقالوا: عُزيزٌ ابنُ الله، وترك النصارى الوحدانية كذلك فقالوا: المسيحُ ابن الله. وقولهم هذا مبتدَع من عندهم، يردّدونه بأفواههم، لم يأتِهم به كتاب ولا رسول، وليس عليه حُجّة ولا برهان. وهم في هذا القول يشابهون قول المشركين قبلهم.
عجباً لهم كيف يَضِلّون عن الحق الظاهر ويَعْدِلون الى الباطل! وقد تُستعمل جملة «قاتله الله» هذه بالمدح.
روى ابن اسحاق، وابن جرير وابن مَرْدَوَيْه عن ابن عباس رضي الله عن هـ قال: «اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بن مشكم ونعمان بن اوفى وابو انس وشاس بن قيس ومالك بن الصيف، وهم من رؤساء اليهود واحبارهم، فقالوا: كيف نتّبعك وقد تكتَ قِبلتنا، وانت لا تزعم ان عُزَيْراً ابن الله» .
وعُزير هذا كاهن يهودي وكانت شهير سَكَنَ بابل حالي سنة ٤٥٧ ق. م. أسَّس المجمع الكبير، وجمع أسفار الكتاب المقدس، وأدخل الأحرفَ الكِلدانية عوضاً عن العِبرية القديمة، وألّف أسفار الأَيام، وعِزرا، ونحِمْيا، وأحيا الشريعةَ اليهودية بعد ان نُسيت من أجْل هذا فاليهود يقدّسونه حتى إن بعض يهود المدينة أطلق عليه لقب (ابن الله) .
وأما النصارى فقد كان القدماء منهم يَعْنُون بقولهم عن المسيح انه «ابن الله» انه المحبوبُ او المكّرم، كما نقول نحن «الخلق عيال الله» وكان منهم موحِّدون. لكنهم في مَجْمَع نيقية سنة ٣٢٥م وتحت إشراف الملك قسطنطين، قرروا عقيدةَ التثليث، واعتمدوا الأناجيلَ الاربعة، واحرقوا ما عداها وكانت تزيد على سبعين انجيلا. وقد خالف في ذلك خلقٌ كثير منهم يُسَمَّون الموحِّدين او العقليين لكمن الكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية والبروتستنتية لا تعتدُّ بنصرانيهتم ولا بدِينهم، مع ان رسالة المسيح ثابتة في اناجيلهم. ففي انجيل يوحنا: «وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك، أنتَ الالهُ الحقيقي وحدّك، ويسوع المسيحُ الذي ارسلتَه» .
قراءات:
قرأ: «عزير» بالتنوين عاصم والكسائي. والباقون: «عزير» بترك التنوين. وقرأ عاصم: «يضاهئون» بالهمزة والباقون: «يضاهون» بغير همزة.
{اتخذوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله والمسيح ابن مَرْيَمَ} .
لقد اتخذوا رجالَ دِينهم ارباباً، يشرّعون لهم، ويكوِّن كلامهم دينا، ولو كان يخالق قولَ رسولهم، فاتّبعوهم في باطِلهم، وأضافوا الى الشرائع ما سمِعوه من رؤسائهم واقوال أحبارهم من قبلِ ان يدونّوه في المِشنَة والتلمود، ثم دونوه، فكان هو الشرعَ العام وعليه العملُ، وهو مقدَّم عندهم على التوراة.
وانظروا النصارى باتّخاذهم المسيحَ ربّاً وإلهاً، لقد غيرّ رؤساؤهم جميع الاحكام التي جاء بها المسيح، وزادواحقَّ مغفرةِ الذنوب لمن شاؤا، والله تعالى يقول: