للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبعض الناس دون البعض، أو في حالة مخصوصة (١).

قال الغزالي : الواقع في الرتبتين الأخيرتين -الحاجيات والتحسينات- لا يجوز الحكم بمجرده إن لم يعتضد بشهادة أصل، إلا أنه يجري مجرى الشرع بالرأي، فهو كالاستحسان، فإن اعتضد بأصل فذاك قياس، أما الواقع في رتبة الضرورات، فلا بُعْد في أن يؤدي إليه اجتهاد، وإن لم يشهد له أصل معين.

ومثاله: أن الكفار إذا تترسوا بجماعة من أسارى المسلمين، فلو كففنا عنهم لصدمونا، وغلبوا على دار الإسلام، وقتلوا كافة المسلمين، ولو رمينا الترس لقتلنا مسلمًا معصومًا لم يذنب ذنبًا، وهذا لا عهد به في الشرع، ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين، فيقتلونهم، ثم يقتلون الأسارى أيضًا، فيجوز أن يقول قائل: هذا الأسير مقتول بكل حال، فحفظ جميع المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع؛ لأنا نعلم قطعًا أن مقصود الشرع تقليل القتل، كما يقصد حسم سبيله عند الإمكان، فإن لم نقدر على الحسم قدرنا على التقليل، فكان هذا التفاتًا إلى مصلحة علم بالضرورة كونها مقصود الشرع لا بدليل واحد، بل بأدلة خارجة عن الحصر، لكن تحصيل هذا المقصود بهذا الطريق، وهو قتل


(١) البحر المحيط (٦/ ٧٨، ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>