لما مات الشاطبي ودفن ﵀، دفن معه كتابه الموافقات لمدة ستة قرون استمر فيها انحدار المسلمين وتقدم الأوربيين، وفي مطلع القرن الثالث عشر الهجري طبع كتاب الموافقات أولى طبعاته في تونس سنة (١٣٠٢ هـ)، فكانت هذه الولادة الثانية للكتاب.
وذاع خبر الكتاب وانتشر، وكانت نتيجته أن تلقفه الشيخ محمد عبده، فصار يحث على قراءته ونشره، وكان من أثر ذلك أن قام تلميذه الشيخ عبد الله دراز بنشر الكتاب في مصر، وقام تلميذه الآخر رشيد رضا بنشر كتاب الاعتصام، ومن مصر انتشر الكتابان وشاع تداولهما في الأقطار العربية.
وأما تونس البلد الذي طبع فيها الكتاب أول مرة، فكان التجاوب مع الكتاب كبيرًا جدًّا عند علماء الزيتونة الذين احتفوا بالكتاب أيما احتفاء، فدرَسوه ودرَّسوه وبدأ البحث والتنقيب عن المقاصد، وبدأت المقاصد تأخذ طورًا جديدًا، وفي هذه الأجواء والحقبة الزمنية المهمة في علم المقاصد ظهر عالم جليل هو الشيخ الطاهر بن عاشور، وهو