للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتهاد مجتهد آخر، فإنه لا يسمى تقليدًا، كقولهم: أخذ الشافعي بمذهب مالك في كذا، وأخذ أحمد بمذهب الشافعي في كذا؛ لأنه عند معرفة دليله حق المعرفة يكون قد أخذ الحكم من الدليل، لا من المجتهد السابق، فيكون إطلاق الأخذ بمذهبه فيه تجوُّز.

وكذلك فإن الرجوع إلى قول الرسول ، وإلى المعلوم بالضرورة، وإلى الإجماع، ورجوع القاضي إلى شهادة الشاهد، ليس بتقليد حقيقة؛ لقيام الحجة بذلك، وقول النبي هو نفس الحجة والدليل.

• الفرق بين التقليد والاتباع (١):

فرَّق كثير من العلماء بين التقليد الذي يأخذ فيه الشخص بقول غيره بدون معرفة دليله، وبغير حجة تظهر له، بل بمجرد الاقتناع والثقة والمحاكاة، حتى لا يعرف دليل القول، ولا معنى قوله، وإنما يسلم به، ويلتزمه فيه، ويسير على هداه.

أما الاتباع فهو الأخذ بقول الآخر بعد معرفة دليله، والطريق الذي أخذ به، فيقتنع بالقول مع الدليل، ثم يتبعه، فيكون تابعًا طريق المتبوع، ولذلك فإن معظم الأصحاب لإمام المذهب هم تابعون له؛ لمعرفتهم الحكم مع الدليل، وكذلك معظم الباحثين والدارسين للفقه المذهبي


(١) إعلام الموقعين لابن القيم (٣/ ٤٥٠)، الوجيز في أصول الفقه للزحيلي (٢/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>