للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انقراض خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وإن حدوث التمذهب بمذاهب الأئمة الأربعة، إنما كان بعد انقراض عصر الأئمة الأربعة، وإنهم كانوا على نمط مَنْ تقدمهم من السلف في هجر التقليد، وعدم الاعتداد به، وإن هذه المذاهب إنما أحدثها عوام المقلدة لأنفسهم من دون أن يأذن بها إمام من الأئمة المجتهدين (١).

• تقليد المفضول (٢):

يجوز تقليد المجتهد المفضول، مع وجود الأفضل عند الأكثر من المذاهب الأربعة؛ لأن العامي أو المستفتي لا يمكنه الترجيح ومعرفة الفاضل والمفضول، ولو كُلِّف ذلك لكان تكليفًا بضرب من الاجتهاد، وهو لا يستطيعه، ولأن اللَّه تعالى قال: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)[النحل: ٤٣]، ولم توجب الآية تعيين الأفضل دون المفضول، ولأن المفضول من الصحابة والسلف كان يفتي مع وجود الفاضل، واشتهر ذلك وتكرر، ولم ينكر ذلك أحد، فدل على جواز استفتائه مع القدرة على استفتاء الفاضل لكن قال أكثر العلماء: إنه يلزم العامي في الأصح أن يقلد الأرجح من المجتهدين متى بان له ذلك، وخالف


(١) القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد للشوكاني (٤٤).
(٢) الغيث الهامع لأبي زرعة العراقي (٧١٤)، شرح مختصر ابن الحاجب للأصفهاني (٣/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>