للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا التفصيل يتبين لنا أن مذهب أهل السنة وسط بين الطرفين، وبيان ذلك كالآتي:

* خامسًا: مذهب أهل السنة وسط بين الطرفين (١):

ذلك أن المعتزلة الذين أثبتوا التحسين والتقبيح العقليين ارتكبوا عدة محاذير عندما قالوا: إن العقل يحسن ويقبح:

المحذور الأول: أنهم مجدوا العقل وجعلوا ما أدركته عقولهم أصلًا قاطعًا، فالحسن ما حسنته عقولهم والقبيح ما قبحته عقولهم، والشرع عندهم إنما هو كاشف عن حكم العقل.

والمحذور الثاني: أنهم رتبوا على تحسين العقل وتقبيحه أن أوجبوا على الله فعل الأصلح، وهو الأمر بما حسنته عقولهم والنهي عما قبحته.

والمحذور الثالث: أنهم رتبوا على تحسين العقل: المدح والثواب، وعلى تقبيحه: الذم والعقاب، ومعلوم أن المدح والذم والثواب والعقاب مما لا يدرك إلا بالسمع المجرد.

والمحذور الرابع: أنهم شبهوا الله بخلقه، وذلك أنهم قالوا: ما حسن من المخلوق حسن من الخالق، وما قبح من


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣١)، ومفتاح دار السعادة (٢/ ٧، ٥٧، ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>