خلاف ذلك، والشرع أيضًا يحسن ويقبح فكل ما أمر به الشرع فهو حسن، وكل ما نهى عنه فهو قبيح؛ فثبت إذن أن الحسن والقبح قد يعرفان بالعقل، وقد يعرفان بالفطرة، وقد يعرفان بالشرع.
٢ - أن ما أدرك العقل أو الفطرة حسنه أو قبحه فحكمته معلومة لدينا ولا شك، أما ما عرف حسنه وقبحه بطريق الشرع فقد تغيب حكمته وعلته عن عقولنا القاصرة، ولكن الأمر الذي لا شك فيه أن جميع ما حسنه الشرع أو قبحه له علة وحكمة يعلمها الله - والواجب التسليم لشرع الله - فإن من صفاته العلم والحكمة، وهذا يقتضي أيضًا أنه لا يجوز عليه سبحانه أن يأمر بالظلم وينهى عن العدل، لكمال حكمته سبحانه.
٣ - أن ما عرف حسنه وقبحه بطريق العقل والفطرة لا يترتب عليه مدح ولا ذم، ولا ثواب ولا عقاب ما لم تأت به الرسل؛ لأن الدليل الشرعي إنما أثبت المدح والذم، والثواب والعقاب على من قامت عليهم الحجة بالرسل والكتب، فالمدح والذم، والثواب والعقاب إنما يترتب على ما عرف حسنه وقبحه بطريق الشرع فقط.