الثاني: وسائل، وهي الطرق المفضية إليها، وحكمها كحكم ما أفضت إليه من تحريمٍ أو تحليلٍ، غير أنها أخفض رتبةً من المقاصد في حكمها، فالوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل، وإلى ما هو متوسط متوسطة، وينبه على اعتبار الوسائل قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ [التوبة: ١٢٠]، فأثابهم الله على الظمأ والنصب، وإن لم يكونا من فعلهم؛ لأنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين، فالاستعداد وسيلة الوسيلة (١).
فمعنى فتح الذرائع: الأخذ بالذرائع إذا كانت النتيجة مصلحة؛ لأن المصلحة مطلوبة.
تتمة: كيفية العلم بإفضاء الذرائع إلى مفسدة؟
١ - بالتجربة والمشاهدة، كما في منع النبي ﷺ بيع الثمر قبل بدو الصلاح بعد ما رأى ما يفضي إليه من النزاع والشقاق.
قال زيد بن ثابت ﵁: كان الناس في عهد رسول الله ﷺ،
(١) شرح تنقيح الفصول للقرافي (٣٥٣، ٣٥٤) دار الفكر.