للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقضى بها عندنا (١).

وقال الشاطبي : العوائد الجارية ضرورية الاعتبار شرعًا كانت شرعية في أصلها، أو غير شرعية، أي سواء كانت مقررة بالدليل شرعًا، أمرًا، أو نهيًا، أو إذنًا، أو لا، أما المقررة بالدليل فأمرها ظاهر، وأما غيرها فلا يستقيم إقامة التكليف إلا بذلك، فالعادة جرت بأن الزجر سبب الانكفاف «بيانه: أن العادة جرت أن النفس تكف عن الجريمة، وتنزجر إذا علمت بالعقوبة» عن المخالفة، كقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩]، فلو لم تعتبر العادة شرعًا لم يتحتم القصاص، ولم يشرع إذ كان يكون شرعًا لغير فائدة، وذلك مردود بقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩]، وكذلك البذر سبب لنبات الزرع، والنكاح سبب للنسل، والتجارة سبب لنماء المال عادة.

وجه ثان: أن الشرائع بالاستقراء إنما جيء بها على ذلك، ولنعتبر بشريعتنا، فإن التكاليف الكلية فيها بالنسبة إلى من يكلف من الخلق موضوعة على وزان واحد، أي التكاليف واحدة من الصلاة وغيرها، وهذا يدل على أن الشارع اعتبر العادات المطردة فيهم، ولو لم يعتبرها


(١) شرح تنقيح الفصول (٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>