من اتبعك من المؤمنين. وممن قال بهذا: الحسن، واختاره النحاس وغيره، كما نقله القرطبي. وقال بعض العلماء: هو في محل خفض بالعطف على الضمير الذي هو الكاف في قوله: ﴿حَسْبَكَ﴾ [الأنفال: ٦٢] وعليه، فالمعنى حسبك الله، أي: كافيك وكافي من اتبعك من المؤمنين. وبهذا قال الشعبي، وابن زيد وغيرهما، وصدر به صاحب الكشاف، واقتصر عليه ابن كثير وغيره، والآيات القرآنية تدل على تعيين الوجه الأخير، وأن المعنى كافيك الله، وكافي من اتبعك من المؤمنين؛ لدلالة الاستقراء في القرآن على أن الحسب والكفاية لله وحده، كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (٥٩)﴾ [التوبة: ٥٩]، فجعل الإيتاء لله ورسوله، كما قال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: ٧]، وجعل الحسب له وحده، فلم يقل: وقالوا حسبنا الله ورسوله. بل جعل الحسب مختصًا به وقال: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦]، فخص الكفاية التي هي الحسب به وحده، وتمدح تعالى بذلك في قوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢)﴾ [الأنفال: ٦٢]، ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده.