للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه من المسائل التى بها النار تحت الرماد؛ لأنَّ هذا قول الذين قالوا: إنَّ كلام الله كلام في نفسه ليس كلامًا مسموعًا بصوت وحرف.

وهذا كلام باطل، والحق أنَّ كلام الله هو الذي نقرؤه بألفاظه، فالكلام كلام الباري، والصوت صوت القارئ، ومن الأدلة على ذلك:

١ - قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦]، فصرح أنَّ ما يسمع ذلك المشرك المستجير بألفاظه ومعانيه هو كلامه تعالى.

٢ - قوله تعالى في قصة زكريا: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ١٠، ١١]، فلم يكن ذلك المعنى القائم بنفسه، والذي عبر عنه بالإشارة كلامًا (١).

٣ - قوله : «إنَّ الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أوتتكلم» (٢).، فدل ذلك على أنَّ ما يدور في النفس لا يسمى كلامًا، بل الكلام هو ما كان بصوت وحرف.

٤ - اتفق أهل اللغة على أنَّ الكلام: اسم وفعل وحرف، ولذلك


(١) المذكرة ص (٢٢٦).
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٦٩)، ومسلم (١٢٧) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>