للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخالف مذهب ابن عباس المذكور، فاستحضره لينكر عليه ذلك، فقال الإمام أبو حنيفة للمنصور: هذا يرجع عليك، إنك تأخذ البيعة بالأيمان، أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك؟ فاستحسن كلامه ورضي عنه (١).

واستدل القائلون بصحة الاستثناء المنفصل بأدلة منها:

١ - قوله : «والله لأغزون قريشًا، ثم سكت، ثم قال بعده: إن شاء الله» (٢)، ولولا صحة الاستثناء بعد السكوت لَمَا فعله النبي (٣).

والجواب: إن صح الخبر، فإنه يحمل على أنه سكوت يسير لا يخل بالاتصال الحكمي (٤).

ومعنى الاتصال الحكمى: أنَّ الاسثناء تأخر لعذر عن المستثنى منه، مثل قَول رَسُول اللَّه يَومَ فَتح مَكَّةَ: «إنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَات وَالأَرضَ، فَهُو حَرَامٌ بحُرمَة اللَّه إلَى يَوم القيَامَة، وَإنَّهُ لَم يَحلَّ القتَالُ فيه لأَحَدٍ قَبلى، وَلَم يَحلَّ لى إلا سَاعَةً من نَهَارٍ، فَهُو حَرَامٌ


(١) أضواء البيان (٣/ ٢٥٥).
(٢) مرسل: أخرجه أبو داود (٣٢٨٦)، وغيره من طريق سماك عن عكرمة مرسلًا، ورواية سماك عن عكرمة مضطربة، وقد أشار أبو حاتم إلى ترجيح الإرسال، العلل (١٣٢٢).
(٣) الإحكام للآمدي (١/ ٢٩٠).
(٤) الإحكام للآمدي (١/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>