ومن ذلك قول الطوفي: الكلام يشتمل على لفظ ومعنى، فحظ اللغوي النظر في ألفاظه ببيان ما وضعت له كقوله: العموم: الشمول، والعام: الشامل، والتخصيص: تمييز شيء عما شاركه بحكم، وحظ النحوي بيان ما يستحقه من الحركات اللاحقة لآخره إعرابًا أو بناءًا، وحظ التصريفي بيان وزنه، وصحيحه من معتله، وأصله من زائده أو بدله، وغير ذلك من أحكامه.
أما كون العام بعد تخصيصه حجة أو ليس بحجة، أو حقيقة أو مجازًا، فهذا ليس حظ واحد من هؤلاء، بل حظ الأصولي، والأصولي موضوع علمه المعنى، وإنما ينظر في الألفاظ بطريق العرض في مبادئ الأصول (١).
ويقول تقي الدين السبكي: إن الأصوليين دققوا في فهم أشياء من كلام العرب لم يصل إليها النحاة ولا اللغويون، فإن كلام العرب متسع جدًّا، والنظر فيه متشعب، فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصولي، واستقراء زائد على استقراء اللغوي، مثاله دلالة صيغة (افعل) على الوجوب، و (لا تفعل) على التحريم، وكون (كل وأخواتها) للعموم، وما أشبه ذلك مما ذُكِر