للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفعل مقدمات الذبح من إضجاع ولده، وأخذ السكين ونحوه، وذلك لوجهين:

أحدهما: قوله تعالى: ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات: ١٠٤، ١٠٥]: أي فعلت ما أمرت به، ولو كان مأمورًا بالذبح لم يصح ذلك؛ لأنه ما فعله به.

الثاني: قوله ﷿ حكاية عن الذبيح: ﴿يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ﴾ [الصافات: ١٠٢]، ولفظه لفظ المستقبل؛ فدل على أنه ما أمر بالذبح، وإنما أخبر أنه سيؤمر به في المستقبل، إذ لو كان قد أمر به لقال: افعل ما أُمرت.

٣ - سلمنا أنه أمر بالذبح، لكنه لم ينسخ عنه قبل امتثاله، بل قلب الله عنق ولده نحاسًا، فلم تؤثر فيه الشفرة فسقط لتعذره.

٤ - سلمنا أنه لم يتعذر، لكنه امتثل فذبحه، لكن كلما قطع جزءًا من عنقه التأم: أي التحم فاندمل الجرح بمجرد التحامه أي برأ، وذلك بدليل الآية: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ [الصافات: ١٠٥]، على تقدير أنه مأمور بالذبح فيلزم أنه ذبحه، وإلا لم يكن قد صدق الرؤيا.

وأجاب الجمهور على هذه الاعتراضات بما يلي:

الجواب الأول: قولكم: قصة إبراهيم كانت منامًا والمنام خيال لا أصل له. هذا باطل؛ لأنَّ منام الأنبياء وحي، وذلك لوجوه:

<<  <  ج: ص:  >  >>