للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصقاع والبلدان، ولكن كان أكثر العلماء والفقهاء مجتهدين، حتى المحدثون منهم، كالبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، وجميع القضاة، ومعظم الولاة والخلفاء، وأكثرهم يجتهد ويستنبط الأحكام من المصادر المختلفة بطرق الاجتهاد السليمة، وكانت جماهير الأمة يستفتونهم، ويأخذون عنهم، ويتبعون آراءهم وأحكامهم.

الطور الثاني: وذلك ابتداء من منتصف القرن الرابع الهجري حتى منتصف القرن الرابع عشر الهجري، أي: حوالي ألف سنة، وبدأ الاجتهاد في أول هذا الطور يتراجع، ويتجزأ، ويضطرب، ويتخلخل، ثم بدأ يتسرب إليه أنصاف العلماء ومن دونهم الذين بدأوا يتطاولون على الاجتهاد، ويخرج على الأمة والناس بالأوهام والسخافات، وما يتناقض مع الشرع، ويتعارض مع قواعد أصول الفقه، ويتجاوز ضوابط الاجتهاد، وضعفت الأمة، وبدأ الانحطاط في المجتمع والدولة، مما دعا العلماء الغيورين على الدين أن يتصدوا لهذه الآراء الواهية، وأن يقفوا أمام أدعياء العلم، وأن يعلنوا إغلاق باب الاجتهاد ليوصدوا هذا الباب أمام من ليس أهلًا للاجتهاد والنظر، ويقطعوا الطريق أمام أصحاب الأهواء من مختلف الفرق والمذاهب، وانحصر الاجتهاد غالبًا في مجتهد المذهب، ومجتهد المسائل، ومجتهد التخريج، ومجتهد الترجيح … ، وأصبح أكثر الفقهاء والعلماء من هذه الطبقات،

<<  <  ج: ص:  >  >>