يضع لنفسه قواعد ينفرد بها، بل التزم طريقة إمام من أئمة المذاهب في الاجتهاد، فهو مجتهد مطلق منتسب، فهو لم يقلد إمامه في الحكم والدليل، لكن سلك طريقته في الاجتهاد والفتوى، ودعا إلى مذهبه، وقرأ كثيرًا منه على أهله، فوجده صوابًا، وأولى من غيره، وذلك مثل أبي يوسف ومحمد وزفر من الحنفية، وابن القاسم وأشهب من المالكية، والبويطي والزعفراني والمزني من الشافعية.
٣ - المجتهد المقيد:
ويسمى: المجتهد في المذهب، أو مجتهد التخريج؛ لأنه مقيد في مذهب إمام معين، وعاملٌ على تقرير أصوله بالدليل، ولا يتعدى أصوله وقواعده، ويتقنها مع فقهها وأدلة مسائلها، وفي ذات الوقت فإنه يعرف القياس، ويقدر على التخريج والاستنباط على أصول إمامه، ويلحق الفروع بالأصول والقواعد التي لإمامه، كالحسن بن زياد الكرخي والطحاوي من الحنفية، والأبهري وابن أبي زيد من المالكية، وأبي إسحاق الشيرازي وأبي إسحاق المروزي من الشافعية، وغيرهم.
ويقوم مجتهد التخريج بنشاط في أقوال إمامه، فإذا أفتى الإمام في مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين، نقل حكم كل منهما إلى الأخرى، وصار في كل مسألة قولان بالاجتهاد والتخريج، ما لم يفرق الإمام بينهما، أو يقرب الزمن.