للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحكم الحاكم، وبقيت الخصومات على حالها، واستمر التشاجر والتنازع وانتشار الفساد والعدوان والظلم، وهذا يتنافى مع المصلحة التي وجد القضاء لأجلها، والحكمة التي نصب لها الحكام.

والأمثلة في تاريخ القضاء الإسلامي كثيرة منذ عهد الصحابة، كتغير اجتهاد عمر في المسألة المشتركة الحجرية في الميراث، وقرر القاعدة المشهودة «تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي» (١)، ويؤيد ذلك ما جاء في كتاب عمر لأبي موسى الأشعري ، وفيه: «لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم، فراجعت فيه نفسك، أن تراجع الحق، فإن مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل» (٢).

والأصل في هذه القاعدة إجماع الصحابة ، كما نقله ابن الصباغ ، وأن أبا بكر قضى في مسائل، ثم خالفه فيها عمر ، ولم ينقض اجتهاده، وعلته أن الاجتهاد الثاني ليس بأقوى من الأول، فيصح ما فعله بالاجتهاد الأول الذي تقوى بالقضاء والعمل، ثم يغير الحكم في المستقبل.


(١) صحيح بمجموع طرقه: أخرجه عبد الرزاق (١٩٠٠٥)، والدارمي (٦٧١)، والبخاري في التاريخ الكبير (٢/ ٣٣١).
(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٤٤٧٢)، والبيهقي في الصغير (٣٢٥٩)، ويمكن أن نحكم بما حكم به ابن كثير في مسند الفاروق، فقال: هو كتاب مشهور لابد للقضاة من معرفته والعمل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>