للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصل، فدل على أن كل مجتهد مصيب.

وأجيب على ذلك: أن النبي لم ينكر على الصحابة اجتهادهم، وكلٌّ عمل بما أداه إليه اجتهاده.

ولكن ليس الكل مصيبًا للحق، وإن كان فعلهم صوابًا «الاجتهاد» في أن كلًّا قد فعل وأدى ما عليه، فهناك فرق بين الإصابة والصواب كما قال الشوكاني: وأما استدلالهم بتصويب كل طائفة ممن صلى قبل الوصول إلى بني قريظة لمن خشي فوت الوقت، وممن ترك الصلاة حتى وصل إلى بني قريظة امتثالًا لقوله : «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» (١).

فالجواب عنه: على أن ترك التثريب لمن قد عمل باجتهاده، لا يدل على أنه قد أصاب الحق، بل يدل على أنه قد أجزأه ما عمله باجتهاده، وصح صدوره عنه؛ لكونه قد بذل وسعه في تحري الحق، وذلك لا يستلزم أن يكون هو الحق الذي طلبه الله من عباده، وفرق بين الإصابة والصواب؛ فإن إصابة الحق هي الموافقة، بخلاف الصواب فإنه قد يطلق على من أخطأ الحق ولم يصبه، من حيث كونه قد فعل ما كلف به، واستحق الأجر عليه، وإن لم يكن مصيبًا للحق وموافقا له (٢).


(١) انظر ما قبله.
(٢) إرشاد الفحول (٢/ ١٠٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>