للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان الأمر كذلك، فلا يبقى للاجتهاد مجال، ولكان الاجتهاد في حقه نطقاً عن الهوى المنفي عنه بالآية الكريمة، فالضمير في قوله تعالى: «إن هو» يرجع إلى النطق المذكور في الآية في ضمن قوله: «وما ينطق عن الهوى»، وهو عامٌّ.

وجوابه:

يجاب عن ذلك بجوابين:

الجواب الأول: لا نسلم عموم الآية، بل إن الآية وردت لرد ما كان يقوله الكفار بأن ما يأتي به من القرآن ليس وحيًا من عند الله، بل هو افتراء منه على الله تعالى، فالضمير في قوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)[النجم: ٤] يرجع إلى القرآن، فيكون تقدير الآية كذا: أن النبي لا ينطق فيما ينطق به من القرآن من هوى نفسه، ما القرآن إلا وحي يوحى إليه من الله تعالى، فعلى هذا تنفي الآية: أن يتكلم الرسول بغير القرآن، ولا تمنع الآية من ذلك.

الجواب الثاني: سلمنا أن الآية عامة في جميع ما نطق به الرسول من القرآن وغيره، إلا أن ذلك لا ينفي اجتهاده ؛ لأنه لو كان متعبدًا بالاجتهاد بواسطة الوحي لما كان اجتهاده نطقًا عن الهوى، بل كان بالوحي، وما حكم به باجتهاده إما صواب من أول الأمر، أو يحتمل الخطأ في بادئ أمره، لكن الله تعالى يرشده إلى الصواب، أو يقره عليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>