وحكى البيهقي عن إسماعيل القاضي قال: دخلت على المعتضد «الخليفة» فرفع إليَّ كتابًا لأنظر فيه، وقد جمع فيه الرخص من زلل العلماء، وما احتج به كل منهم، فقلت: مصنف هذا زنديق .. ، وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد بحرق ذلك الكتاب.
والراجح: أنه لا مانع من الأخذ بالرخص من المذاهب عند الحاجة للفرد، أو للجماعة في التشريع، وعند وضع الأنظمة من اللجان المختصة، أما التزام ذلك وتتبعه للفرد فإنّه يدل على رقة الدِّين، وضعف اليقين، وقلة الورع، ويخشى على صاحبه من التفلت والتهرب من أحكام الشرع وتكاليفه، وخاصة في حقوق العباد والمعاملات والمحظورات.
خامسًا: دعوى الإلهام (١):
يزعم بعض الناس أن العلم إلهام من اللَّه تعالى، ويزعمون أن اللَّه تعالى يلهمهم، ويلقي في قلوبهم أحكامًا ليعملوا بها، ويفتوا الناس بها.
وهذه دعوى باطلة، وحذَّر العلماء منها؛ لأنها سبيل لإلغاء الأحكام الثابتة بالنصوص، أو الزيادة عليها، أو فتح باب للتهرب من الشريعة