للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقف هذا الطغيان عند حد، بل كاد يلفح بناره جميع البلاد الإسلامية، حتى الحجاز، والمدينة، وأصاب الصغار والكبار على سواء.

أخرج ابن أبي داود في «المصاحف» من طريق أبي قلابة أنه قال: لما كانت خلافة عثمان جعل المعلم يعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون، فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين، حتى كفر بعضهم بعضًا؛ فبلغ ذلك عثمان، فخطب، فقال: أنتم عندي تختلفون فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافًا (١).

وصدق عثمان، فقد كانت الأمصار النائية أشد اختلافًا ونزاعًا من المدينة والحجاز، وكان الذين يسمعون اختلاف القراءات من تلك الأمصار إذا جمعتهم المجامع، أو التقوا على جهاد أعدائهم يعجبون من ذلك، وكانوا يمعنون في التعجب والإنكار كلما سمعوا زيادة في اختلاف طرق أداء القرآن.

وتأدى بهم التعجب إلى الشك والمداجاة، ثم إلى التأثيم والملاحاة، وتيقظت الفتنة التي كادت تطيح فيها الرؤوس، وتسفك الدماء وتقود المسلمين إلى مثل اختلاف اليهود والنصارى في


(١) أخرجه ابن أبي داود في (المصاحف) (١/ ٩٥) من طريق أبي قلابة لما كان في خلافة عثمان … ، ولكن أبو قلابة لم يدرك زمن عثمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>