لتفهمه من تلقاء نفسك، بل إن العرب كانت تستعمل اللفظ وتريد به ضده، ومن هنا تظهر أهمية معرفة مراد الشارع ومقصوده من كلامه، فالتقصير في فهمه والزيادة عليه يفسد الفهم من بدايته، فآخذ الأمور ببادئ الرأي وببادئ النظر وبالخواطر الأولى، دون النظر في القرائن الأخرى وإعمال الفكر فيها، عادة لا ينجو من الزيادة في المعنى، والنقصان منه.
ولو كانت الألفاظ وحدها كافية لفهم المراد من المتكلم، لما كان أي معنى للتفقه في الدين:«من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين»(١)، ولما كان هناك معنى لقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤].
فلماذا يحتاج إلى التدبر لو كانت الألفاظ التي ألقيت إلينا حصل بها المعنى؟ ففهم المراد من الألفاظ في أحيان كثيرة يحتاج إلى تدبر وتأمل، وجمع النصوص في الباب الواحد؛ حتى يفهم المعنى ولا يزاد عليه ولا ينقص.