للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)[المائدة: ٦٨] (١).

وهذا هو الذي فهمه الغلام في قصة أصحاب الأخدود حين أرسله الملك مع جنده ليقتلوه، فنجا فصار بين واجبين وضرورتين: حفظ النفس، وحفظ الدين. فإما أن ينجو بنفسه ويحافظ عليها من الهلاك، وإما أن يقدم واجب الدعوة إلى الله ويذهب مرة أخرى ليدعو الملك وأتباعه، فقدم الواجب الأعلى وهو الدعوة إلى الله وحفظ الدين، ومن أجله شرع الله الهجرة من بلاد الكفار لبلاد المسلمين.

ومثله في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (٨٠) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ [الكهف: ٨٠ - ٨١].

قال الطاهر بن عاشور : وأما تصرفه في قتل الغلام فتصرف بوحي من الله جارٍ على قطع فساد خاص علمه الله، وأعلم به الخضر بالوحي، وأراد الله اللطف بأبويه بحفظ إيمانهما وسلامة العالم من هذا الطاغي، لطفًا أراده الله خارقًا للعادة جاريًا على مقتضى سبق علمه، ففي هذا مصلحة للدين بحفظ أتباعه من الكفر، وهو مصلحة خاصة فيها حفظ الدين (٢).


(١) مقاصد الشريعة الإسلامية للدكتور محمد سعد اليوبي (١٨٧).
(٢) التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (١٦/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>