للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تزكية للنفس وترويضها، واكتساب حسن الأخلاق؛ فهذه المصالح قد يصيبها الضمور والإغفال ولذا وجب التنبيه عليها، فحينما ذكر الله تعالى الزكاة قال: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣]، لم يعللها بتعليل اقتصادي، أو التكافل الاجتماعي، وما إلى ذلك من فوائد الزكاة ومصالحها، ومقاصدها الصحيحة الموجودة فيها، لكنه عللها بالمصلحة الإيمانية والقلبية ﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣]، فنبه الشارع الناس على المصلحة الأعلى والأهم، والتي قد يصيبها الإغفال والضمور.

ومثله أيضًا قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣)[البقرة: ١٨٣].

قال ابن عاشور : حكم الصيام حكم عظيم من الأحكام التي شرعها الله تعالى للأمة، وهو من العبادات الرامية إلى تزكية النفس ورياضتها، وفي ذلك صلاح حال الأفراد فردًا فردًا؛ إذ منها يتكون المجتمع، وقوله: لعلكم تتقون. بيان لحكمة الصيام وما لأجله شرع (١).

ومثل ذلك لما نهى الله تعالى عن الخمر، قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا


(١) التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور (٢/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>