كتبهم العبادات على المعاملات، وبهما تتم مصلحة القلب والبدن.
وقد جمع الله بين المصلحة الدنيوية والأخروية «الإيمانية» في تشريعه للقصاص، فقال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)﴾ [البقرة: ١٧٩]، فجمع الشارع بين حفظ المصلحة الدنيوية وهي حفظ الحياة، والمصلحة الإيمانية وهي تحصيل التقوى، بل إن الله تعالى لما أمر الناس جميعًا بعبادته وحده، ونبذ ما يعبد من دونه، جعل غاية ذلك تحصيل المصالح الإيمانية القلبية، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)﴾ [البقرة: ٢١]، قال ابن عاشور ﵀: ولما كانت التقوى نتيجة العبادة جُعِل رجاؤها أثرًا للأمر بالعبادة؛ فإن التقوى هي الغاية من العبادة، فرجاء حصولها عند الأمر بالعبادة وعند عبادة العابد أو عند إرادة الخلق (١).
٣ - بيان أن الشريعة توافق العقل والفطرة ولا تخالفهما:
فلا تعارض بين النقل والعقل، فالعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، بل يشهد له ويؤيده؛ لأن الذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل، ويستحيل أن يرسل إليه ما يفسده، ولو وجد تعارض