للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكل متفق على إثبات أن الشرع يحسن ويقبح، ويوجب ويحرم، وأن الثواب والعقاب والمدح والذم لا يعرف بالعقل، وإنما يعرف ذلك بالشرع وحده، وفي حقيقة الأمر نجد أن هناك جوانب أخرى في المسألة اختلفوا فيها، فأهل السنة يثبتون للعقل دورًا في التحسين والتقبيح بينما ينكر الأشاعرة دور العقل تمامًا، وأهل السنة أيضًا يثبتون لله الحكمة والتعليل في أفعاله، بينما ينفي الأشاعرة ذلك، إلى غير ذلك من الأمور التي سبق بيانها في النقاط السابقة.

وبذلك يتبين تباعد الفريقين وافتراق المذهبين.

٣ - يمكن إرجاع الخلاف في هذه المسألة إلى اللفظ إذا فسر الحسن بكون الفعل نافعًا للفاعل ملائمًا له، والقبح بكون الفعل ضارًّا للفاعل منافرًا له، أو فسر الحسن بمعنى الكمال، والقبح بمعنى النقص، وذلك بأن يُعطَى هذا المعنى حقه وتُلتَزَم لوازمه.

إذ الجميع متفق على أن الحسن والقبح بهذين المعنيين عقليان، بمعنى أن العقل يمكنه معرفة ما يلائم الطبع وما ينافره، وما هو صفة كمال أو نقص، إذ يلزم من الملاءمة والمنافرة الكمال والنقص، ولا شك أن المدح والذم مرتب على الحب والبغض المستلزم للكمال

<<  <  ج: ص:  >  >>