التكليف والمشقة وإن كان موجودًا، لكنه ليس مقصودًا أصالة بل بالتبع.
قال تقي الدين ابن تيمية: نفس الإيمان بالله، وعبادته، ومحبته، وإجلاله هو غذاء الإنسان، وقوته، وصلاحه، وقوامه كما عليه أهل الإيمان، وكما دل عليه القرآن لا كما يقول من يعتقد من أهل الكلام ونحوهم إن عبادته تكليف ومشقة، وخلاف مقصود القلب لمجرد الامتحان والاختبار، أو لأجل التعويض بالأجرة كما يقوله المعتزلة وغيرهم، فإنه وإن كان في الأعمال الصالحة ما هو على خلاف هوى النفس، والله سبحانه يأجر العبد على الأعمال المأمور بها مع المشقة، كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ﴾ الآية [التوبة: ١٢٠]، وقال ﷺ لعائشة:«أجرك على قدر نصبك»، فليس ذلك هو المقصود الأول بالأمر الشرعي، وإنما وقع ضمنًا وتبعًا لأسباب.
ولهذا لم يجئ في الكتاب والسنة وكلام السلف إطلاق القول على الإيمان والعمل الصالح أنه تكليف، كما يطلق ذلك كثير من المتكلمة والمتفقهة، وإنما جاء ذكر التكليف في موضع النفي كقوله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ﴿لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ﴾ [النساء: ٨٤]، ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧]، أي وإن وقع في الأمر تكليف فلا يكلف إلا قدر الوسع، لا أنه يسمى جميع الشريعة