والخلاف في المسألة لفظي، فالمنع إنما يتجه لوصف جميع الأحكام الشرعية بأن فيها مشقة، وأن ذلك شرط لكي يصح نسبتها للشرع.
والإثبات إنما يتجه لكون بعض الأحكام الشرعية فيها نوع مشقة، وهي المشقة العادية كمشقة البرد في الوضوء والغسل، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها، ومشقة ألم الحدود، ورجم الزناة، ونحو ذلك.
وقد اتفق الفريقان على خروج المشقة العظيمة التي تتجاوز الحدود العادية والطاقة البشرية السوية، كالتي تؤدي إلى هلاك أحد الضرورات الخمس، فنحو هذه المشقات إنما هي مرفوعة عن الأمة، ولم يكلفنا الله بها، بل هي موجبة للرخصة والتخفيف كنحو إباحة التيمم للخوف من الاغتسال للجنابة من شدة البرد، ووجوب الفطر، لكن خاف على نفسه التضرر بالصوم، ونحو ذلك مما هو معروف في محله (١).
(١) الشرح الكبير لمختصر الأصول لمحمود بن محمد المنياوي (١/ ٩٢، ٩٣).