وإذا حصل الاكتفاء بواحد في بعض مسائل التزاحم، فقدم بعض الحقوق على بعض، فإنما حصل ذلك التقديم لوجود مرجح من المرجحات التي ذكرها أهل العلم، كالسبق أو القرعة أو القوة، وليس هذا الاكتفاء ناشئًا من اندراج الأشياء المتزاحمة بعضها في بعض، وذلك كما لو أوصى إنسان بحج، ولم يكن قد حج حجة الإسلام، وأوصى بصدقة للفقراء ولا يفي ما وراءه بجميع وصاياه، فإنه يقدم الحج على صدقة التطوع، وكما لو قتل شخص جماعة مرتبًا، فإنه يحصل حينئذ تزاحم في الحقوق بين أولياء المقتولين، لكنه يقتل بالأول وللباقين الدية.
الأمر الثالث: من شروط التداخل أن تكون الأمور التي حصل بينها التداخل متحدة جنسًا، كالتداخل بين الحدود والأحداث، ونحو ذلك مما هو متحد جنسًا، وليس هذا الشرط بلازم في التزاحم، فقد يقع التزاحم بين حقوق متحدة جنسًا كتزاحم الغرماء في مال المفلس، وقد يقع التزاحم بين حقوق مختلفة، كالتزاحم بين حقوق الله وحقوق العباد في تركة الميت مثلًا إذا لم تف التركة بالجميع.
الأمر الرابع: من شروط التداخل أن تكون الأمور التي حصل بينها التداخل متحدة في المقصود، كالتداخل بين الطهارتين الصغرى والكبرى، فإنهما متحدتان قصدًا من حيث كون المقصود منها رفع