ونحن نسلم بذم هذه العلوم، وأنها أجنبية عن علوم الشريعة، بل أفسدت في علوم الشريعة.
لكن هل معنى دخول هذه العلوم على علم أصيل من علوم الشريعة كعلم أصول الفقه أن نهجر هذا العلم على أهميته، أم أن الواجب علينا أن ننقي علومنا مما أُدخِل عليها، ونردها إلى أصلها ونبعها الصافي.
وخاصة أن هذه العلوم - الفلسفة والمنطق وعلم الكلام - دخلت في كثير من علوم الشريعة في نفس الوقت الذي أُدْخِلت في علم الأصول، فدخلت في علم التفسير، فكثيرًا ممن كتب في التفسير في تلك الآونة وكان أشعري العقيدة أو معتزليًّا أدخل عقيدة الأشعرية والمعتزلة في التفسير.
وكذلك في علم العقيدة كثر في ذاك الزمن القول بقول الأشاعرة، بل أصبح علم العقيدة يسمى علم الكلام.
ومع ذلك لم يقل أحد يجب ترك علم التفسير وهجره، أو علم العقيدة من أجل دخول هذه العلوم فيهما في زمن ما، بل أصبح الواجب تنقية هذه العلوم حتمًا من هذه العلوم المبتدعة المذمومة.