لذاته، وأنه لا فرق بين الفساد والبطلان، وهما مرتبة واحدة، وهو رأي جمهور الأئمة، قال الآمدي: مذهب الشافعي أن المحرم بوصفه مضاد لوجوب أصله، أي: أن التحريم للوصف كالتحريم للأصل تمامًا.
ونتيجة للاختلاف السابق اختلفت الأنظار في حكم كل مسألة محرمة لغيرها، ففرق الحنفية بين الصفة الجوهرية التي يتعلق بها التحريم لغيره، ويكون العقد فاسدًا كالربا، وبين الصفة العارضة التي يتعلق بها التحريم لغيره، ويكون حكمها الكراهة فقط، أي: التحريمية، كالبيع وقت أذان الجمعة.
وفرق الشافعية بين المحرم لغيره لوصف فيه كالصلاة بدون طهارة، وحكمها البطلان، وبين التحريم لأمر خارج عن المحل، وحكمه الصحة مثل الطلاق في زمن الحيض، فهو صحيح لصرف التحريم إلى أمر خارج عن الطلاق، وهو ما يفضي إليه من تطويل العدة، وكذا الصلاة في الأوقات والأماكن المنهي عنها.
وهذا الاختلاف يرجع إلى مقتضى النهي، وهو ما سنبينه -إن شاء الله- في المجلد الثالث، الفصل الثاني: النهي.
وينتج عن تقسيم الحرام إلى حرام لذاته وحرام لغيره، جواز استباحة المحرم في بعض الحالات، فالمحرم لذاته يباح بهدف الحفاظ على الضروريات، وهي حفظ الدين، والمال، والنفس، والعقل،