للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو أدى النهي عن المنكر لمفسدة أعظم يحرم النهي عن المنكر حينها.

مثال آخر: امرأة أسلمت في دار الكفر، ولا ضرورة لها في البقاء، ولزمها أن تهاجر إلى بلاد الإسلام، فإنها تسافر ولو بغير محرم، فبقاؤها في بلاد الكفر حرام، والسفر بغير محرم حرام، فتقدم الأدنى، وتسافر بلا محرم.

ومن أمثلة ذلك: فعل موسى والخضر، فخرق الخضر للسفينة إتلاف للمال، وهو محرم، ولكنه رأى أن هناك محرمًا أكبر وهو ضياع السفينة يقينًا لقوله تعالى: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: ٧٩]، وكلمة "كل" من صيغ العموم، والتقدير أنه يأخذ كل سفينة سليمة غصبًا، وهذا أمر يقيني، فأتلف الخضر بعض المال من باب تزاحم المحرمات كي لا يضيع المال كله.

وقد يدخل في ذلك مسألة الختان: فإنه يفعل مع أن فيه إيلامًا للجسد، وهو محرم فدل ذلك على وجود محرم أعلى منه ترك هذا من أجل ذاك، ففي الرجل قد يكون الختان للحفاظ عليه من الضرر المترتب على بقاء بعض البول في مجرى البول، كذلك طهارة البدن، وفي الأنثى قد يكون لتعديل الشهوة؛ إذ زيادتها يؤدي إلى انتشار

<<  <  ج: ص:  >  >>