يقول ابن القيم ﵀ في إعلام الموقعين: وقد غلط كثيرٌ من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك، حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ الكراهة، فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة، ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مؤنته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه، وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى، وهذا كثيرٌ جدًّا في تصرفاتهم؛ فحصل بسببه غلطٌ عظيمٌ على الشريعة وعلى الأئمة، وقد قال الإمام أحمد في الجمع بين الأختين بملك اليمين: أكرهه، ولا أقول هو حرامٌ، ومذهبه تحريمه، وإنما تورع عن إطلاق لفظ التحريم لأجل قول عثمان.
وقال أبو القاسم الخرقي فيما نقله عن أبي عبد الله: ويكره أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة، ومذهبه أنه لا يجوز، وقال في رواية ابنه عبد الله: لا يعجبني أكل ما ذبح للزهرة ولا الكواكب ولا الكنيسة، وكل شيءٍ ذبح لغير الله، قال الله ﷿: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣].
فتأمل كيف قال: لا يعجبني. فيما نص الله سبحانه على تحريمه، واحتج هو أيضًا بتحريم الله له في كتابه، وقد نص محمد بن الحسن أن كل مكروهٍ فهو حرامٌ، إلا أنه لما لم يجد فيه نصًّا قاطعًّا لم يطلق عليه