للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسلاميةٍ، ومن يعيش في بلادٍ غير إسلامية، وليس التفريق بظاهرٍ في الأدلة، فإن الجهل واردٌ على أي حالٍ، لكن الذي يقع في دار الإسلام، فالمعلوم من الدين بالضرورة لا يخفى، والحجة به قائمةٌ، فلو زنى رجلٌ من المسلمين وقد تربى في الإسلام وبين أهله وادعى أنه لا يعلم حرمة الزنا لما كان عذرًا يحول بينه وبين العقوبة، لأن الحجة ظاهرةٌ في مثل ذلك، وقوله محمولٌ على الكذب، إلا أن يكون في بيئةٍ ذهبت عنها معالم الدين، والأقرب في هذا أن يعود الأمر إلى أن يقدر كل ظرفٍ بما يناسبه، والعمدة فيه على بلوغ الحجة، أما الجهل ذاته فهو مانعٌ من التكليف (١).

قال القرافي: وضابط ما يعفى عنه من الجهالات الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادةً، وما لا يتعذر الاحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه (٢).

ملحوظة: إعذار الجاهل من باب التخفيف لا من حيث جهله.

ولهذا قال الشافعي: لو عذر الجاهل لأجل جهله لكان الجهل خيرًا من العلم؛ إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف، ويريح قلبه من ضروب التعنيف، فلا حجة للعبد في جهله بالحكم بعد التبليغ


(١) تيسير علم أصول الفقه للجديع (٧٥).
(٢) الفروق للقرافي (٢/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>