وتكون هذه الأفعال مندوحةً مع المحرم الذي لا يرخص فيه ولا يباح بحالٍ، أما هو فإنه لا تكون مندوحةً لواحدٍ منها، ففي الصور الثلاثة المذكورة آنفًا، وهي ما لو وقع التخيير بين الزنا أو القتل وبين الكفر أو إتلاف مال الغير، أو وقع التخيير بين الزنا أو القتل، وبين أكل الميتة أو شرب الخمر، أو وقع التخيير بين الزنا أو القتل وبين بيع شيءٍ معينٍ من المال، فإن الزنى أو القتل لا يكون مكرهًا عليه، فمن فعل واحدًا منهما كان فعله صادرًا عن طواعيةٍ لا إكراهٍ، فيترتب عليه أثره إذا كان الإكراه ملجئًا حتى يتحقق الإذن في فعل المندوحة، وكان الفاعل عالمًا بالإذن له في فعل المندوحة عند الإكراه.
- وإن كان أحد الأمرين المخير بينهما محرمًا يرخص فيه عند الضرورة، والمقابل له محرمًا يباح عند الضرورة، كما لو وقع التخيير بين الكفر أو إتلاف مال الغير، وبين أكل الميتة أو شرب الخمر، فإنهما يكونان في حكم الأمرين المتساويين في الإباحة، فلا يكون أحدهما مندوحةً عن فعل الآخر، ويكون الإكراه واقعًا على فعل كل واحدٍ من الأمرين المخير بينهما، متى كان بأمرٍ متلفٍ للنفس أو لأحد الأعضاء.
- وإن كان أحد الأمرين محرمًا يرخص فيه أو يباح عند الضرورة، والمقابل له مباحًا أصالةً أو للحاجة، كما لو وقع التخيير بين الكفر أو شرب الخمر، وبين بيع شيءٍ من مال المكره أو الفطر في نهار رمضان،