فالإكراه الملجئ عندهم هو الذي يكون بالتهديد بإتلاف النفس أو عضوٍ منها، أو بإتلاف جميع المال، أو بقتل من يهم الإنسان أمره.
وحكم هذا النوع أنه يعدم الرضا ويفسد الاختيار ولا يعدمه. أما إعدامه للرضا، فلأن الرضا هو الرغبة في الشيء والارتياح إليه، وهذا لا يكون مع أي إكراهٍ.
وأما إفساده للاختيار دون إعدامه، فلأن الاختيار هو: القصد إلى فعل الشيء أو تركه بترجيحٍ من الفاعل، وهذا المعنى لا يزول بالإكراه، فالمكرَه يوقع الفعل بقصده إليه، إلا أن هذا القصد تارةً يكون صحيحًا سليمًا، إذا كان منبعثًا عن رغبةٍ في العمل، وتارةً يكون فاسدًا، إذا كان ارتكابًا لأخف الضررين، وذلك كمن أُكرِه على أحد أمرين كلاهما شرٌّ، ففعل أقلهما ضررًا به، فإن اختياره لما فعله لا يكون اختيارًا صحيحًا، بل اختيارًا فاسدًا.
والإكراه غير الملجئ: هو الذي يكون بما لا يفوت النفس أو بعض الأعضاء، كالحبس لمدةٍ قصيرةٍ، والضرب الذي لا يخشى منه القتل أو تلف بعض الأعضاء.
وحكم هذا النوع أنه يعدم الرضا، ولكن لا يفسد الاختيار، وذلك لعدم اضطرار المكرَه إلى الإتيان بما أُكرِه عليه، لتمكنه من الصبر على