يجوز للإنسان أن يدفع الضرر عن نفسه بإيقاعه على غيره، فإن فعل كان آثمًا، ووجب عقاب الحامل له على هذا الفعل باتفاق علماء المذهب، والخلاف بينهم إنما هو في نوع هذا العقاب.
فأبو حنيفة ومحمدٌ يقولان: إنه القصاص، لأن القتل يمكن أن ينسب إلى الحامل بجعل الفاعل آلةً له، والقصاص إنما يكون على القاتل لا على آلة القتل.
وأبو يوسف يقول: إنه الدية، لأن القصاص لا يثبت إلا بالجناية الكاملة، ولم توجد الجناية الكاملة بالنسبة لكلٍّ من الحامل والمكرَه.
وهذا القتل يقوم مانعًا من الإرث بالنسبة للمكرِه «بالكسر» إذا كان المكرَه «بالفتح» مكلفًا. أما إذا كان غير مكلفٍ كالصبي أو المجنون فلا يكون مانعًا. وهذا عند أبي حنيفة ومحمدٍ، أما أبو يوسف فلا يحرم ولو كان المكرَه مكلفًا.
أما بالنسبة للمكرَه «بالفتح» فلا يحرم باتفاق الحنفية (١).
ومن هذا النوع أيضًا: الزنا، فإنه لا يرخص فيه مع الإكراه، كما لا يرخص فيه حالة الاختيار، لأن حرمة الزنا لا ترتفع بحالٍ من الأحوال، فإذا فعله إنسانٌ تحت تأثير الإكراه كان آثمًا، ولكن لا يجب عليه الحد،
(١) البدائع للكاساني (٩/ ٤٤٩٠)، ورد المحتار (٥/ ٨٥).