قالوا: والفاسد ما كان مشروعًا بأصله غير مشروع بوصفه، كبيع الدرهم بالدرهمين، فإنه مشروع بأصله من حيث إنه بيع ولا خلل في ركنه، ولا في محله، ولكنه غير مشروع بوصفه، وهو الفضل؛ لأنه زيادة في غير مقابل، فكان فاسدًا، لا باطلًا، لملازمته للزيادة، وهي غير مشروعة، ولكن لو حذفت تلك الزيادة لصح البيع، ولم يحتج إلى عقد جديد.
دليل هذا المذهب:
العلة التي جعلت الحنفية يفرقون بين الفاسد والباطل في باب المعاملات خاصة هي: أنه لما كان المقصود من العبادات هو التعبد فقط، وهو لا يكون إلا بالامتثال والطاعة، فإن المخالفة فيها تكون مفوتة للمقصود، فلا يظهر وجه للتفرقة بين باطل وفاسد فيها، فذمة المكلف لا تبرأ بصلاة فاسدة، كما لا تبرأ بصلاة باطلة.
أما المعاملات فإنه لما كان المقصود منها هو مصالح العباد الدنيوية، فإن المجال مفتوح فيها، وتحققها في نفسها ممكن حتى مع وجود خلل في وصفها، فلا تنعدم بالكلية إلا إذا كان الخلل فيها راجعًا إلى الحقيقة والماهية.
فجعلوا الباطل فيما إذا كان الخلل فيه راجعًا إلى أركان العقد، أو إلى العاقدين، أو إلى محل العقد، كما في بيع الملاقيح -وهي ما في