الإضافة فيه كالإضافة في قولك حاتم الجود، فيكون المعنى: واخفض لهما الجناح الذليل من الرحمة، أو الذلول على قراءة الذل بالكسر.
وما يذكر عن أبي تمام من أنه لما قال:
لا تسقني ماء الملام فإنني … صبٌّ قد استعذبت ماء بكائي
جاءه رجل فقال له: صب لي في هذا الإناء شيئًا من ماء الملام، فقال له: إن أتيتني بريشةٍ من جناح الذل صببت لك شيئًا من ماء الملام، فلا حجة فيه؛ لأن الآية لا يراد بها أن للذل جناحًا، وإنما يراد بها خفض الجناح المتصف بالذل للوالدين من الرحمة بهما، وغاية ما في ذلك إضافة الموصوف إلى صفته كحاتم الجود. ونظيره في القرآن الإضافة في قوله: ﴿مَطَرَ السَّوْءِ﴾ [الفرقان: ٤٠]، و ﴿عَذَابَ الْهُونِ﴾ [الأنعام: ٩٣] يعني مطر حجارة السجيل الموصوف بسوء من وقع عليه. وعذاب أهل النار الموصوف بسوء من وقع عليه، والمسوغ لإضافة خصوص الجناح إلى الذل مع أن الذل من صفة الإنسان لا من صفة خصوص الجناح: أن خفض الجناح كني به عن ذل الإنسان وتواضعه، ولين جانبه لوالديه رحمة بهما، وإسناد صفات الذات لبعض أجزائها من أساليب اللغة العربية كإسناد الكذب والخطيئة إلى الناصية في قوله: ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦)﴾ [العلق: ١٦].
وكإسناد الخشوع والعمل والنصب إلى الوجوه في قوله: ﴿وُجُوهٌ