للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا: إن المتشابه ما احتمل أوجهًا كالمشترك، فلا بد من الاجتهاد لتعيين المراد إن لم يمكن الجمع بين هذه الأوجه.

وعندئذ يطلب الترجيح من الآيات المحكمات، أو الأدلة الأخرى كالسنة واللغة، وهذا معنى رد المتشابه إلى المحكم.

وقد تختلف أنظار العلماء في تعيين المراد ليبقى الاجتهاد، مثال: المراد ب «القرء» فهذا من المشترك اللفظي، فيطلق على الطهر ويطلق على الحيض، فعلى الأول مالك والشافعي، وعلى الثاني أبو حنيفة وأحمد.

فمن قال: المراد به في العدة الأطهار؛ استدل بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١]: أي في زمان عدتهن.

ومعلوم أن الطلاق يكون في الطهر، لا في الحيض بالإجماع.

واستدلوا بحديث ابن عمر في تطليقه امرأته وهي حائض (١).


(١) وهو الحديث الذي رواه مسلم (١٤٧١)، عن ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائضٌ في عهد رسول الله ، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله عن ذلك، فقال له رسول الله : (مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله ﷿ أن يطلق لها النساء). وفي رواية عن عبد الله: أنه طلق امرأةً له وهي حائضٌ تطليقةً واحدةً، فأمره رسول الله أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض عنده حيضةً أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء. وزاد ابن رمح في روايته: وكان عبد الله إذا سئل عن ذلك، قال لأحدهم: أما أنت طلقت امرأتك مرةً، أو مرتين، فإن رسول الله أمرني بهذا، وإن كنت طلقتها ثلاثًا، فقد حرمت عليك، حتى تنكح زوجًا غيرك، وعصيت الله فيما أمرك من طلاق امرأتك. قال مسلمٌ: جود الليث في قوله تطليقةً واحدةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>