الثاني: أن قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ورد في قصة ورود مالك بن الحويرث ورفاقه على النبي ﷺ، فهي إرشاد من النبي ﷺ لمالك ومن معه في مثل حاله ﵁ الذين أقاموا عشرين ليلة فقط، وحملهم الشوق إلى أهلهم على الرجوع ولم يسعفهم الوقت للتعلم والتفريق بين واجبات الصلاة وسننها، وما ليس من واجباتها ولا من سننها، فيقال له: اصنع مثل فلان من الناس، وفلان ممن يحسن الصلاة. فيشابه في الصورة دون القصد.
الثالث: وهو جواب أبي شامة ﵀ قال: سلمنا أن الحديث يدل على أن صلاته ﷺ بيان، لكنها بيان للصلاة المطلوبة من المسلمين، بواجباتها وسننها وما يجوز فيها، فلماذا يحمل فعله ﷺ على أنه للواجب خاصة؟.
بل الناتج من كون صلاته بيانًا؛ أن يكون كل فعل فعله ﷺ في الصلاة دائرًا بين هذه الأنواع الثلاثة، والعمدة في تمييز بعضها عن بعض إما القول، وإما الإجماع، وإما القرائن الأخرى، ولا يصلح الفعل وحده دليلًا؛ ولذلك قال الجصاص: أمرنا بالاقتداء به ﷺ على وصف، هو أن نصلي كما رأيناه يصلي، فنحتاج أن نعلم كيف صلى من ندب أو فرض فنفعل مثله.
وأما حديث:«خذوا عني مناسككم»، فإن النبي ﷺ فعل في حجته