الاطلاع على أقوال المجتهدين أمرًا ممكنًا إما مشافهة عن طريق السفر إليهم بوسائل المواصلات الحديثة، أو بالتواصل معهم عبر الهاتف، أو الفاكس، أو البريد الإلكتروني، أو عبر الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، والأجهزة الذكية التي يمكن من خلالها إجراء المحادثة بين شخصين أو أكثر بالصوت والصورة.
ولعل مما يؤكد أثر تغير الأحوال في الاجتهاد في هذه المسألة: أن القائلين بالإمكان في الأزمنة الماضية فرضوا في ثنايا مناقشاتهم للقول الآخر «أي القول القائل بعدم إمكان وقوع الإجماع» صورًا ذهنية ليست متحققة في ذلك الزمان بهدف إثبات أن هذا الأمر وإن بدا مستحيلًا في بعض الأحيان إلا أنه قد يبدو ممكنًا في أحوال أخرى.
قال إمام الحرمين الجويني في معرض مناقشته لأقوال المانعين:
ثم قال القاضي: لا يمتنع تصور ملك تنفذ عزائمه في خطة أهل الإسلام إما باحتوائه على البيضة، أو بعلو قدره، واستمكانه من إحضار من يشاء من المماليك بجوازم أوامره المنفذة إلى ملوك الأطراف، وإذا كان ذلك ممكنًا، فلا يمتنع أن يجمع مثل هذا الملك علماء العالم في مجلس واحد، ثم يلقي عليهم ما عَنَّ له من المسائل، ويقف على خلافهم ووفاقهم، فهذا وجه في التصوير بيِّن لا يتوقف تصوره على فرض خرق العادة.