المذاهب فلا أثر للسكوت قطعًا، وذلك لفشو التقليد، واطمئنان أصحاب كل مذهب إلى اجتهاد إمامهم، وجريان العرف بعدم إنكار بعضهم على بعض، وإن كان قبل ذلك ففيه ما تقدم من الخلاف، وفي جعله إجماعًا ظنيًّا نظر، وكونه حجة، وليس بإجماع أبعد من ذلك.
ثانيها: أن يكون ذلك في عصر الصحابة ﵃، فهو أقوى من الأول، وأولى بأن يكون السكوت منهم دليلًا على الموافقة لعلو مرتبتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم المداهنة على من بعدهم، وإن كان لم يكن إجماعًا فالظاهر أنه حجة.
ثالثها: أن يكون ذلك فيما يتكرر وقوعه، فهو أولى بأن يكون إجماعًا أو حجة؛ لأن تلك الاحتمالات المقدرة، أي الاحتمالات التي تمنع من التصريح بالمخالفة، وهي أن السكوت يحتمل وجوهًا كما سبق:
١ - الموافقة والرضا بذلك.
٢ - أنه لم يجتهد في المسألة.
٣ - أنه اجتهد ولم يظهر له شيء.
٤ - أنه ظهر له ما يقتضي خلاف ذلك القول، لكنه لم يبده إما لاعتقاده أن كل مجتهد مصيب، وإما لظنه أن غيره كفى القيام بذلك،